ادعمنا

مفهوم الهجرة الدولية - International Migration

 

تُعتبر الهجرة الدولية إحدى القضايا التي لا تختفي من على الساحة العالمية فهي مرتبطة بالإنسان والإنسان دائم الترحال لذلك ستظل قضية الهجرة الدولية دائمة الظهور على الساحة الدولية. وفي الآونة الأخيرة تتزايد أعداد المهاجرين من دولهم الأم إلى الدول الأخرى لعدة أسباب إما رغبةً في تحسين أوضاعهم المعيشية أو الحصول على مستوى تعليمي أو وظيفي أفضل أو لأسباب تتعلق بتعرض الشخص لمضايقات داخل دولته تجعله يفكر بالهجرة وترك وطنه الأم أو لحدوث كوارث داخل دولته تجعله يترك وطنه ويذهب للعيش في دولة أخرى.

 ومع تزايد الاهتمام الدولي بقضية الهجرة وعمل عديد من الجهات الدولية إضافة إلى المنظمات الحكومية وغير الحكومية أصبحت قضية الهجرة إحدى القضايا الرئيسية في أجندة العديد من الحكومات والجهات والمنظمات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية لذلك؛ سيسلط هذا المقال الضوء على مفهوم الهجرة من خلال عدّة تعريفات خاصة به وبيان النظريات المفسرة له إلى جانب توضيح جهود عدد من المنظمات الدولية في هذه القضية وفي النهاية توضيح بعض القضايا المرتبطة بالهجرة الدولية.

 

مفهوم الهجرة الدولية:

يُنظر إلى مفهوم الهجرة الدولية بصورة عامة على أنه الانتقال من البلد الأم للاستقرار في بلد آخر. وتُعتبر هذه الحركة السكانية ما هي إلا انتقال الأفراد والجماعات من موطنهم الأصلي إلى وطن جديد يختارونه، وذلك نتيجة لمجموعة من الأسباب وفقاً لظروف الدول المستقبلة، وبما يخدم الأوضاع الاقتصادية لكل من دول المهجر والمنشأ، ومن خلال آليات تعاون فني وأمني وقضائي وتشريعي، وفي إطار الاحترام الكامل لحقوق المهاجرين.

ويمكن تعريف كلمة الهجرة من الناحية اللغوية بأنها مشتقة من فعل هجر يهجر هجراً وهجراناً أي أن الشخص ترك الشيء وأعرض عنه وهاجر وترك وطنه حيث نقول هجر المكان أي تركة. أما في اللغة الفرنسية ينقسم مفهوم الهجرة وفقاً لعاطف بوكمزا إلى لفظين:

الأول Immigré: وهو الشخص الذي يدخل إلى إقليم الدولة المستقبلة مهاجراً أو وافداً وينطبق نفس المعنى على اللفظين Migrant/  Immigrant  

أمَّا الثاني Émigré: وهو الشخص الذي يغادر إقليم بلده مهاجراً إلى بلد آخر.

كما أن عاطف بوكمزا عرف الهجرة على أنها كل حركة من خلال الحدود الدولية ماعدا الحركات السياحية تدخل ضمن إحصائيات الهجرة، ويتوقف هذا الأمر على حسب المدة فإذا كانت سنة أو أكثر تُعتبر هجرة دائمة وإن كانت أقل تُعتبر هجرة مؤقتة. وتُعتبر الهجرة موقف عقلي واتجاه ذهني وتوجه نفسي من الشخص ذاتة وليست مجرد نقلة جسدية من مكان لآخر.

وتُعرف الهجرة الدولية من قِبل وكالة الأمم المتحدة للهجرة على أنها تنقل الأشخاص بعيداً عن مكان إقامتهم المعتادة وعبر الحدود الدولية إلى بلد ليسوا من رعاياه.

ووفقاً لمغتات صابرينه وعجال وسيلة تُعرف الهجرة بأنها الانتقال سواء بشكل فردي أو جماعي من موقع إلى آخر بحثاً عن وضع أفضل اجتماعياً أو اقتصادياً أو دينياً أو سياسياً أو أمنياً. 

وتُعرف أيضاُ الهجرة من قِبل مداني ليلى على أنها الفعل الاجتماعي الذي ينجم عنه تغير اجتماعي يؤثر على المجتمع ككل في كل من الدولة المرسلة أو الدولة المستقبلة للمهاجرين.

ولقد عُرّفت الهجرة من قِبل الدكتور علي صادق أبو هيف على أنها مغادرة الأفراد طواعية من دولة الموطن قاصدين الدخول في إقليم دولة أخرى والبقاء فيها بصفة دائمة أو لفترة محددة بغرض التعايش لأسباب مختلفة ويترتب عليها بعض الآثار القانونية لمركز هؤلاء الأفراد.

وتُعرف الهجرة من قِبل بوغراف حنان على أنها الانتقال من دولة لأخرى من أجل الإقامة الدائمة على أن يتم اتخاذ المواطن الجديد مقراً ومسكناً مستديماً.

ويُعرف محمد إمحمد الهجرة بأنها انتقال الأفراد من مكان إلى آخر بغرض الاستقرار في المكان الجديد.

كما أن الدكتور سليم شاكر مصطفى عرف الهجرة على أنها الحركة الواسعة لمجموعة سكانية داخل موطنها أو إلى موطن أخر وقد تكون الهجرة قانونية أو غير قانونية بسبب الأوضاع المعاشية أو الحروب والنزاعات أو بسبب الكوارث الطبيعية أو التبدلات الاجتماعية أو لتحقيق مستوى معيشي أفضل.

 

النظريات المفسرة للهجرة:

على الرغم من عدم وجود نظرية شاملة حول الهجرة إلا أن هناك بعض التوجهات العامة في النظر للهجرة ودوافعها على ثلاثة مستويات من التحليل المستوى الكلي والأوسط والجزئي فالمستوى الأول من التحليل أي الكلي يهتم بالمؤشرات العامة للدول المرسلة والمستقبلة للهجرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية أما المستوى الأوسط فهو يرتبط بالعلاقات الشخصية التي تتواجد بين المهاجرين أو ما يُعرف بشبكة الهجرة المتواجدة بين كافة جماعات الهجرة أما المستوى الجزئي فهو مرتبط بالقرارات التي تؤثر على الأفراد حول الهجرة كحسابات المكسب والخسارة ودراسة العوامل المؤدية للهجرة.

1- نظريات الهجرة على المستوى الكلي

تتعامل نظريات الهجرة على المستوى الكلي مع المؤشرات العامة لأداء البلدان المرسلة والمستقبلة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية للوصول لتفسير ظاهرة الهجرة ومن أبرز النظريات المفسرة للهجرة على المستوى الكلي ما يلي:

أ- النظرية النيوكلاسيكية الكلية:

ترى هذه النظرية أن التباينات الجغرافية هي السبب الرئيسي للهجرة بين مناطق العالم المختلفة فيما يتعلق بالعرض والطلب على عنصر العمل. وتُعزي هذه النظرية انتقال الأشخاص من سوق العمل لسوق عمل آخر في دولة أخرى لاختلاف مستوى الأجور بين تلك الدول، والذي يؤدي في بلدان الإرسال نظراً لوفره سوق العمل لانخفاض عائد عنصر العمل. بينما يدفع العجز الديموجرافي في أسواق الاستقبال لارتفاع مستوى الأجور مقارنة بدول المنشأ.

وتفترض هذه النظرية أن الهجرة لا يمكن حدوثها دون وجود فوارق في الأجور بين الدول المرسلة والمستقبلة، وأن ميكانيزمات أسواق العمل هي المحرك الرئيسي للهجرة الدولية وعلية ففي حالة رغبة الحكومات في ضبط الهجرة الدولية فعليها بضبط هذه الأسواق في الدول المرسلة والمستقبلة.

ب- نظرية سوق العمل المزدوج

ظهرت هذه النظرية من خلال كتابات لويس أرثر - Lewis W.Arther لوصف ازدواجية سوق العمل بين القطاع الزراعي البدائي والصناعي الحديث بما يؤدي إلى ازدواجية في أسواق العمل بين القطاعين، وهو ما يدفع إلى هجرة فائض العمالة الزراعية للمدن الكبرى. وتطورت هذه النظرية من خلال كتابات ميشيل بيور - Michael J. Piore لتفسير الهجرة الدولية من خلال افتراض أن الطلب على هجرة العمل يرتبط بشكل أساسي بالبنية الاقتصادية للبلدان المستقبلة، وتكون الهجرة انعكاساً للطلب على عنصر العمل في الاقتصادات المتقدمة وخاصة في القطاعات التي لا تتطلب مهارات عالية.

ج- نظرية النظام العالمي

يرى إيمانويل فالرشتاين - Immanuel Wallerstein أن ديناميكيات النظام الرأسمالي العالمي الذي يسعى دائماً لتوفير عمالة رخيصة للمساهمة في الإنتاج هو الدافع الرئيسي للهجرة الدولية، وأنها تسارعت وتيرتها نتيجة لعملية الإنتاج الرأسمالي وعادة تحدث الهجرة الدولية من الدول النامية إلى الدول المتقدمة.

2- نظريات الهجرة على المستوى المتوسط

يُعتبر من أشهر نظرياتها نظرية شبكات الهجرة التي تُقر بوجود شبكات هجرة بين كافة الجماعات الهجرية، ويُمكن تعريف شبكات الهجرة بأنها مجموعة من العلاقات الشخصية التي تربط المهاجرين والمهاجرين العائدين وغير المهاجرين في بلدان المنشأ والمقصد من خلال علاقات القرابة والصداقة بين الذين ينتمون لنفس بلد المنشأ، ويؤدي وجود هذه الشبكات لتزايد الدافع في الهجرة حيث توفر تلك الشبكات المعلومات وتساعد المهاجرين في توفير الإقامة ودخول سوق العمل وتقليل المخاطر وزيادة المنافع وخفض تكلفة الهجرة.

3- نظريات الهجرة على المستوى الجزئي

تهتم هذه النظريات بالعوامل التي تؤثر على قرارات الأفراد حول الهجرة لتحليل ودراسة العوامل المؤيدة للهجرة وحسابات المكسب والخسارة إلى جانب اهتمامها بما يُعرف بنظرية الاختيار الرشيد. ومن أبرز النظريات المفسرة للهجرة على المستوى الجزئي ما يلي:

أ- نظرية رأس المال البشري

يعتبر لاري شاستاد - Larry A. Sjaastad أن الهجرة استثمار في رأس المال البشري حيث يقوم المهاجر المحتمل بتقييم تكاليف ومنافع الهجرة قبل اتخاذ قراره بالهجرة أو البقاء. ويوضح شاستاد أن المنافع والتكاليف لا تشمل فقط التكاليف والمنافع المادية بل غير المادية أيضاً، ونتيجة لذلك لا يقتصر التقييم على الفرق بين الأجر أو الدخل المادي في بلدان الإرسال والإستقبال.

ب- نظريات اقتصادات الهجرة الجديدة

ترى هذه النظرية أن الهجرة يصعب تفسيرها على مستوى الفرد فقط، وأيضاً الحوافز الاقتصادية وتقدير تكلفة الهجرة مقابل عوائدها، بل يجب النظر للهجرة من منظور أوسع قليلاً ليشمل الأسرة حيث أن الأخيرة تسعى لتعظيم منافع الهجرة إلى جانب تقليل المخاطر المرتبطة بالهجرة فهي كوحدة متكاملة تسعى لتقليل المخاطر الاقتصادية من خلال تنويع مصادر الدخل عن طريق توظيف قوة العمل في الأسرة في عدة أسواق حيث يُهاجر بعض أفراد الأسرة للخارج ويهاجر البعض للداخل "هجرة داخلية" بينما يظل البقية الباقية في بلد المنشأ لإدارة اقتصادات الأسرة.

 

جهود المنظمات الدولية في مجال الهجرة:

تلعب المنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية دوراً مهما في تطوير السياسات والإستراتيجيات وصياغة واقتراح الحلول لمشاكل الهجرة والتنقل وحفظ حقوق المهاجرين وتبني برامج المساعدة في العودة ومكافحة الاتجار بالبشر وتشجيع الهجرة القانونية وصياغة أطر قانونية لتوطين المهاجرين نتيجة الحروب والكوارث الطبيعية بالإضافة للاجئي النزاعات العرقية والسياسية.

ا - المنظمة الدولية للهجرة (OIM) 

تعتبر المنظمة الدولية للهجرة إحدى أهم المنظمات المهتمة بملف الهجرة بجميع صورها وأُنشأت عام 1951 وتضم في عضويتها ما يقرب من 151 دولة بالإضافة إلى 12 دولة أخرى بصفة مراقب ولها 100 مكتب إقليمي في كافة أنحاء العالم.

وتهدف المنظمة لتعزيز الهجرة وتنظيمها بشكل يحفظ الكرامة الإنسانية ويعود بالنفع على الجميع وذلك من خلال تقديم الخدمات والاستشارات للحكومات والمهاجرين وتعمل المنظمة على ضمان إنسانية نشاطات الهجرة وتعزيز التعاون بالقضايا المتعلقة بها والمساعدة في البحث عن حلول لمشاكلها وتقدم المساعدة للمهاجرين.

وتنشط المنظمة في أربعة ميادين وهي (الهجرة والتنمية وتسهيل الهجرة وتنظيم الهجرة ومعالجة الهجرة القسرية).

وتهدف المنظمة الدولية لعدد من الأمور وهي:

1- تقوية التسيير الإنساني للهجرة من خلال احترام حقوق الإنسان للمهاجرين وفقاً للقانون الدولي.

2- تقديم خدمات للأفراد الذين يحتاجون لاستشارات ومساعدات فيما يتعلق بالهجرة.

3- إعطاء دفعة للجهود الدولية فيما يتعلق بتنقل الأيدي العاملة وخاصة التنقلات قصيرة الأجل.

4- مساعدة الدول على تسهيل اندماج المهاجرين في البيئة الجديدة التي اختاروها.

5- مساعدة الدول والمهاجرين والمجتمعات أيضاً على إزالة تأثيرات الهجرة غير القانونية.

ب- منظمة العمل الدولية (OIT) 

تعتبر منظمة العمل الدولية إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة حيث تأسست المنظمة ضمن عصبة الأمم أولاً ثم أصبحت عضوً رسمياً في هيئة الأمم المتحدة من عام 1946 وتضم المنظمة كل من الحكومات وأرباب العمل وأيضاً منظمات العمل وتهدف المنظمة لوضع معايير دقيقة وسياسات عمل جدية للنهوض بالعمل اللائق في مختلف أنحاء العالم وحماية العمال وحفظ حقوقهم على المستوى الدولي.

وتحاول المنظمة علاج المشاكل والعراقيل الخاصة بالمهاجرين الناتجة عن هجرة اليد العاملة على النطاق الدولي من خلال مشاريع لمكافحة التمييز ضد المهاجرين وتعمل على تحسين سياسات الهجرة ومساعدة البلدان الموفِدة لليد العاملة على الحد من إساءات البحث عن الوظائف للساعين لها وتبني سياسة رشيدة من أجل إدارة فعالة لهجرة اليد 

ويعطي دستور المنظمة أهمية قصوى لحقوق العمال المهاجرين وسياسات المنظمة بخصوص الهجرة ثابتة طوال الوقت حيث تهتم المنظمة بحماية مصالح العمال المستخدمين في بلدان غير بلدانهم وتقوم أيضاً بتقديم المشورة السياسية وهو ما نتج عنه صياغة واستحداث سياسات ومؤسسات خاصة بهجرة اليد العاملة في عدد من الدول الأعضاء.

ج- مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)

تعتبر المنظمة إحدى الجهات التابعة للأمم المتحدة ونشأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية من أجل توفير الحماية للأوروبيين نتيجة الحرب وتم إنشائها في عام 1949 وبدأت مهامها عام 1950 وتهتم المنظمة بحماية اللاجئين والحفاظ على حقوقهم الأساسية وتقديم المساعدات المادية لهم وتعمل المنظمة من خلال الاتصال بالحكومات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والتنسيق معها من أجل اتخاذ أي قرار من شأنه الحفاظ على اللاجئين وتحسين أحوالهم.

وتسعى المنظمة لتوفير الإعانة الغذائية للاجئين والعمل على توفير الخدمات الأساسية لهم من تعليم وصحة وتعمل على عودة اللاجئ إلى وطنه بشكل طوعي أو إعادة توطين اللاجئ في بلد غير وطنه كما تعمل على إتاحة الفرص للاجئ للحصول على جنسية بلد اللجوء.  

د- الفريق العالمي المعني بالهجرة (GMG)

لقد تم تأسيس هذا الفريق من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2006 بناءاً على توصيات اللجنة العالمية المعنية بالهجرة الدولية ويعتبر فريق مؤسسي رفيع المستوى مشترك بين الوكالات المشتركة في الأنشطة المتعلقة بالهجرة ويُعقد اجتماعات دورية للفريق وتكون رئاستة بالتناوب بين الرؤساء التنفيذيين للمنظمات الأعضاء ويتألف الفريق من 10 منظمات منها المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ويسعى الفريق لوضع نهج شامل للاستجابة المؤسسية العامة للهجرة الدولية وتعزيز حقوق العمال والأمن البشري وأبعاد العدالة الجنائية لحوكمة الهجرة وإدارتها والتركيز على حماية المهاجرين ورفاهتم بما فيهم ضحايا الاتجار بالبشر.

 

القضايا المتعلقة بالهجرة:

أ- الهجرة والتنمية

إن للهجرة الدولية أهمية كبرى في عملية التنمية إذا تم توظيفها بشكل جيد وتم الاستفادة منها بصورة مثالية حيث أن الهجرة تدعم النمو الاقتصادي العالمي وتساهم في تحسين المجتمعات والدول كما أنها ساهمت في إزدهار العديد من الثقافات والحضارات ولعبت دوراً محورياً على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

وفي كثير من الدول النامية تُمثل تحويلات العاملين بالخارج مصدراً مهما للدخل وفي معظم أنحاء العالم يعمل المهاجرون في أنشطة عالية القيمة حيث يفتقر السكان الأصليين المهارات العالية فيها ويُساهم المهاجرون في تحقيق الرفاهة في البلدان المستقبلة وتسهم الهجرة الدولية في جهود التنمية من خلال تحويلات المهاجرين ونقل الخبرة للوطن الأم من خلال الجاليات المغتربة ثم التبادل التجاري والمشاريع المشتركة التي يقوم بها المهاجرون بين بلدان الإرسال والاستقبال.

ب- هجرة العقول "نزيف الكفاءات"

لقد كانت هجرة العقول والكفاءات إلى خارج بلدانهم السمة البارزة منذ بداية القرن ال20 وهو مصطلح بريطاني ظهر بعد هجرة الكفاءات البريطانيين بعد الحرب العالمية الثانية للولايات المتحدة الأمريكية وهو يُعني كل حركة أو انتقال أو نزوح للأشخاص ذوي المهارات للعمل أو الإقامة أو اللجوء إلى دول غير الدول الأم.

ويكمن الدافع وراء هذه الهجرة في الدخل الأعلى وظروف العمل الأفضل وآفاق الترقية المهنية المتوفرة في البلد المضيف وفي سياسات الهجرة الانتقالية التي تتبعها البلدان المضيفة والأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة في البلدان الأم وانخفاض تكاليف الهجرة ويغادر عدد كبير من الأفارقة إلى دول مجاورة ودول أوروبية.

ومن الآثار السلبية التي تسببها هجرة الكفاءات:

1- تؤدي هجرة الأدمغة إلى انخفاض رصيد رأس المال البشري وفي المؤثرات الخارجية وهذا يؤدي لانخفاض معدل النمو الاقتصادي ونمو الإنتاجية إلى جانب تراجع النشاط في مجالات العلم والتكنولوجيا والابتكار.

2- بسببها تفقد حكومات أقل البلدان نمواً ضرائب التي كان هؤلاء المهنيون سيدفعونها لو مكثوا في بلدهم الأم.

3- يشغل بعض المهاجرين ذوي المهارات العالية من أقل البلدان نمواً وظائف تتطلب مؤهلات تعليمية أقل مما حصلوا عليه من تدريب.

كما أنه يمكن تحويل ما يسمى بهجرة الأدمغة إلى ما يطلق بكسب الأدمغة فالمهارات والخبرات الإضافية التي يكتسبها المهاجرون في الخارج يمكن الاستفادة منها وتحويلها لصالح دولهم الأصلية ويمكنهم المساهمة في دفع العجلة الاقتصادية وتطوير البني التحتية ونقل التكنولوجيا والمهارات العملية وذلك من خلال:

1- استخدام بعض التحويلات المالية لدفع أقساط تعليم أفراد الأسرة وهو ما يدفع إلى كسب الأدمغة.

2- تشجيع مواصلة التعليم حتى مراحل متقدمة مما قد يؤدي لاكتساب الأدمغة

3- يشكل المغتربون ذوو المهارات خزاناً من المعارف يمكن تنظيمة في شكل شبكات من معارف المغتربين الأمر الذي ييسر تدفق المعارف والتكنولوجيا للبلدان الأم عبر برامج ومبادرات تطلقها منظمات المغتربين ومنظمات دولية وحكومات البلدان الأم والدول المضيفة.

ج- الهجرة القسرية

يُقصد بها هجرة السكان من موطن الإقامة المعتاد لمكان آخر دون إرادتهم بسبب عوامل متعددة كالحروب والاضطهاد السياسي والكوارث الطبيعية كما أنها تعني الانتقال القسري لشخص أو أشخاص بعيداً عن المنزل وتتضمن عادة العنف والقسر والتطهير العرقي أحياناً.

ويُعرف المهاجر قسراً بأنهم الأشخاص الذين يفرون أو مضطرون لترك منازلهم وأماكن إقامتهم بسبب أحداث تهدد حياتهم أو سلامتهم والهجرة القسرية لها العديد من الأسباب والأشكال المتعددة بحيث يُقرر الناس المغادرة بسبب الاضطهاد وانتهاك حقوق الإنسان والقمع والصراع والكوارث الطبيعية إلى جانب أنهم قد يغادروا من تلقاء أنفسهم للهروب من هذه الحالات التي تهدد الحياة وفي العديد من الحالات يترك الأفراد منازلهم بسبب سلوكيات الحكومات والمتمردين العازمين على تفريغ أو تحويل التركيبة العرقية أو الدينية المتعلقة بإقليم معين.

وتنقسم الهجرة القسرية إلى صنفين الأول يطلق على التهجير الخارجي وهو أن يهجر الناس خارج أوطانهم بقوة السلاح كما حدث مع الشعب الفلسطيني عام 1948 حيث الهجرة في السنوات التالية للحرب لمصر والأردن وأما النوع الثاني فهو التهجير الداخلي أو النزوح وهو ترك المكان والانتقال لآخر ولكن داخل حدود دولتهم خوفاً من الحروب الأهلية أو بسبب انتهاك حقوقهم الأساسية أو حماية لأنفسهم من الكوارث الطبيعية.

د- الهجرة غير الشرعية

يُعتبر مصطلح الهجرة غير الشرعية حديث النشأة ولقد أُطلق على هذه الظاهرة مسميات عده منها الهجرة غير المشروعة وغير القانونية والسرية وأيضاً مصطلح "الأشخاص بدون وثائق" ويمكن تعريف الهجرة غير الشرعية بأنها دخول العمال إلى بلد ما دون تصاريح دخول ودون أوراق قانونية وهذا يحدث عن طريق عمليات تهريب البشر أو سمسار يسهل للمهاجر عن طريق الهجرة غير الشرعية طريق للوصول إلى الشواطئ لينتهي دوره عند هذا الحد ويُعاب على هذا التعريف أنه قصر صفة المهاجرين على العمال على الرغم من أن الغالبية من المهاجرين عاطلين عن العمل وقصر سبيل الهجرة عن طريق البحر فقط.

ويمكن تعريف الهجرة غير الشرعية أيضاً بأنها المهاجرين الذين يدخلون البلاد دون إذن للدخول المسبق أو اللاحق أو التأشيرات ويلجئ المهاجرين لطرق عده للوصول إلى الدول الصناعية الكبري التي تتوفر فيها فرص العمل حيث يتم التعاقد مع شركات التهريب أو من خلال التسلل من على الحدود والزواج المؤقت أو الشكلي من أجل الحصول على الإقامة حسب قوانين الهجرة المتبعة في بعض البلدان والبعض الأخر يستخدم وثائق مزورة إضافةً إلى بعض السائحين والطلاب الذين لا يعودون لدولهم بعد انقضاء فترة إقامتهم المؤقتة لتتحول إلى إقامة غير مشروعة.

ه- الاتجار بالبشر

يُشير هذا المصطلح إلى تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة استعمال القوة أو القسر أو الاحتيال أو أشكال الخداع الأخرى وذلك لغرض الاستغلال وتُعد العديد من الممارسات المرتبطة بالاتجار بالبشر محظورة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان فالقانون يمنع الرق والعبودية والإسترقاق واستغلال الأطفال جنسياً والزواج القسري.

وتتصدر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الجهود الرامية إلى تعزيز النهج القائم على حقوق الإنسان لمكافحة الاتجار بالبشر ووفقاً لإعداد المفوضية للمبادئ والمبادئ التوجيهية الموصى بها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والاتجار بالأشخاص تهتم المبادئ بأولوية حقوق الإنسان ومنع الاتجار بالبشر والحماية والمساعدة والتجريم والمعاقبة والإنصاف.

 

 

 

المصادر والمراجع:

أميرة بطوري، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كجهاز دولي رسمي لحماية اللاجئين، مجلة افاق للعلوم، ع15، 2019.

أيمن زهري، الهجرة الدولية: إطلالة نظرية، مجلة الديمقراطية، مج16، ع61، 2016.

بوغراف حنان، دراسة سوسيو تحليلية لأهم السلوكات الاجرامية ذات العلاقة بالهجرة غير النظامية، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، مج 15، ع 1، 2022.

جبار علي جمال الدين، الهجرة الدولية وآثارها على العراق، ع62، 2021.

سعد الدين مشاور، تطور مفهوم الهجرة: من ظاهرة سوسيو- اقتصادية إلى ظاهرة أمنية قراءة في تحول المفهوم، مجلة الحوار الفكري، ص 194.

شاعة محمد، الهجرة القسرية: إطار نظري لتحليل الأسباب والتداعيات، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، ع 13، ديسمبر 2017.

عادل السيد محمد، آليات مكافحة الهجرة غير الشرعية في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، مجلة الشريعة والقانون، مج 1،ع 33، 2018.

عاطف بوكمزا، الهجرة بين زاويتي المفهوم والنظرية، مجلة العلوم القانونية، ع 6، 2016.

عبدالحليم محمد، ماهية الهجرة غير الشرعية، مجلة المفكر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة،ع 7، 2011.

محمد إمحمد محمد أبو زيد، الهجرة غير الشرعية وأثرها على الأمن القومي الليبي 2011-2017، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، 2019.

مداني ليلى، الهجرة القسرية واللجوء: اشكالات مفاهيمية وانعكاس للامساوة في حرية التنقل، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، مج3 ،ع2، 2021.

مساهل عبدالرحمان، سياسات إدارة الهجرة الدولية: نظرة عامة على جهود المنظمات الدولية وسياسات دول الاستقبال، مجلة إقتصادات شمال افريقيا،ع18، 2018.

المصطلاحات الأساسية للهجرة عربي- انجليزي- فرنسي، وكالة الأمم المتحدة للهجرة، يونيو 2020.

مغتات صابرينة، عجال وسيلة، دور الجغرافيا الاقتصادية في تحليل ظاهرة الهجرة الدولية دراسة حالة المهاجرين الجزائرين، مجلة إيليزا للبحوث والدراسات، مج6، ع خاص،2021.

الموقع الإلكتروني المفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، لمحة عن حقوق الإنسان والإتجار بالأشخاص، دون كاتب وتاريخ نشر، تاريخ أخر دخول: 09/04/2023 الساعة: 1:13.

الموقع الإلكتروني للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الفريق العالمي المعني بالهجرة، دون كاتب وتاريخ نشر، تاريخ أخر دخول: 09/04/2023 الساعة 1:17.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia